شخصية

حضرة الشيخ محمّد ها

Kamis, 6 Agustus 2009 | 05:04 WIB

هو محمد هاشم الأشعرى ابن عبد الواحد ابن عبد الحليم الملقّب — ب"بانجران بونانج"—ابن عبد الرحمن—المشهور ب"جاكا تنكير"، سلطان هادى ويجويو— ابن عبد الله ابن عبد العزيز ابن عبد الفاتح ابن مولانا إسحاق من "رادين عين اليقين" —المشهور ب"سونان غيرى". ولد فى كيدانج، قرية فى دائرة جومبانج، جاوى الشرقية، فى يوم الثلاثاء، الرابع والعشرين من ذى القعدة سنة 1287ﻫ، الموافق بالرابع عشر من فبراير سنة 1871م.

منذ صغره، درس محمّد هاشم الأشعرى من أبيه، عبد الواحد، خاصة فى العلوم القرﺁنية وإحاطة التراث الدينى (الأدبيات الدينية). و ما كاد يبلغ العاشرة من عمره حتّى أرسله أبوه إلى مختلف المعاهد الإسلاميّة طلبا للعلم، خاصة فى جاوى المشتملة على "صانا" و "سيوالان بودوران" و "لانجيتان توبان" و "ديمانجان بنكالان" و "سيدوارجو". وعندما أتم دراسته من معهد "سيدوارجو" كان فى نفسه عزيمة قوية تدفعه فى طلب العلوم. فأخذ يتعلّم من الأستاذ يعقوب الّذى كان شيخا فى ذلك المعهد. وبعد سنوات، اجتذب الأستاذ يعقوب بحسن سلوك محمّد هاشم الأشعرى اليومية، فأراد أن ينكحه بابنته "خديجة". ففى سنة 1892م، وهو فى الواحد و العشرين من عمره، تم عقد النكاح بينه وبين ابنة شيخه.

بعد شهور من العق&a<>mp;#1583;، حث الشيخ يعقوب محمّد هاشم الأشعرى بأن يطلب العلم فى مكّة المكرّمة. فسافر محمّد هاشم الأشعرى مع عائلته إلى مكّة ليسكن هناك. ربما هذا بسبب العادة السائدة فى ذلك الوقت أنّ عالما لا يعتبر كافيا فى علمه إذا لم يكن يدرس فى مكّة بضع سنين.

بعد مرور سبعة أشهر من إقامته فيها، كانت زوجته، خديجة، ولدت ابنا المسمّى ب "عبد الله". ولكن بعد أيام، تلك الزوجة المحبوبة لبّت نداء ربهّا حيث صعدت روحها ﺇلى بارئها. بل، بعد أربعين يوما، مات ابنه المحبوب، عبد الله، الذى كان مرجوا لاستمرار دعوته فى المستقبل. ففى السّنة اللاحقة، عاد محمّد هاشم الأشعرى إلى إندونيسيا. ولكن، فى سنة 1893م، سافر محمّد هاشم الأشعرى مرّة أخرى مع أخيه الشقيق، "ﺁنيس"، إلى مكّة المكرّمة، ومكث فيها زمنا طويلا.

فتلقّى العلم على كوكبة من العلماء، وفى مقدمتهم الشيخ محفوظ الترميسى الّذى كان مشهورا فى عصره بإتقانه فى علم الأحاديث المروية عن الإمام البخارى. من هذا الشيخ الكبير، نال محمّد هاشم الأشعرى الشهادة لتعليم كتاب الصحيح البخارى. كذلك، وقد تعلّم من الشيخ أحمد خطيب، زوج ابنة الشيخ صالح الكردى، واحد من الأغنياء الّذى كان له علاقة وثيقة بالمملكة السعوديّة. وكان الشيخ أحمد خطيب عالما كبيرا فى مكّة، وهو من أحد الأئمّة فى المسجد الحرام لأتباع المذهب الشافعى.

ولم يكن جهده فى طلب العلم ذلك فحسب، بل قد تتلمّذ أيضا على بعض كبار العلماء الاۤخرين فى مكّة، مثل الشيخ العلّامة عبد الحميد الدارستانى، الشيخ محمّد شعيب المغربى، الشيخ أحمد أمين العطار، سيّد سلطان ابن هاشم، سيّد أحمد ابن هشام العطّار، الشيخ سيّد يمى، سيّد علوى ابن أحمد السّغاف، سيّد عبّاس مالكى، سيّد عبد الله الزواوى، الشيخ صالح فاضل، والشيخ سلطان هاشم الدغستانى.

ومن العلوم الّتى درسها الشيخ محمّد هاشم الأشعرى طوال إقامته فى مكّة هى الفقه على مذهب الإمام الشافعى، علوم الحديث، التوحيد، التفسير، التصوف، علم النحو و الصرف، المنطق، البلاغة و غيرها من العلوم الأساسية فى الدين.

ولقد برز هاشم الأشعرى فى العديد من العلوم، فى علوم الحديث خاصة، حتى قيل أنه من أحد رواة الحديث الرابع والعشرين. بل لقد أصبح فى العلم إماما تعلّم على يديه العلماء. ولذلك كان لقب "حضرة الشيخ" علَمًا عليه لدى العلماء و الدارسين من كلّ الاتجاهات.

فلابدّ من المعرفة، عندما تعلّم الشيخ محمّد هاشم الأشعرى فى مكّة، كان الشيخ الإمام محمّد عبده قائما بالحركة التجديدية للفكر الإسلامى فى مصر. من الأفكار التجديدية الّتى طرحها هى؛ حثّ الأمّة الإسلاميّة على إعادة تنقية الإسلام من الاۤثار و الممارسات الدينية الّتى ليست منه؛ إصلاح التربية الإسلاميّة فى مستوى الجامعة؛ إعادة دراسة و تركيب الرسالة الإسلاميّة لكى تنطبق بروح الحداثة؛ الدفاع عن الإسلام. هذا الجهد من الشيخ محمّد عبده فى إعادة دراسة وتركيب الرسالة الإسلاميّة لتسير مسير تطوّر و متطلّبات العصر الحديث يقصد لكى يصبح الإسلام قادرا على تحمّل المسؤوليات الكبيرة فى المجالات الإجتماعيّة و السياسيّة و التربويّة من جديد. ولذلك، طرح الشيخ محمّد عبده أفكاره التجديديّة لكى يتحرّر المسلمون من التقاليد المذهبيّة الفقهيّة ولكى يتركوا أنواع ممارسات الطريقة.

فلممارسة أطروحاته تلك، جمع الشيخ محمد عبده بين آراء أستاذه، الشيخ جمال الدين الأفغانى، وبين آراء عالمى المذهب الحنبلى؛ محمد بن عبد الوهاب واﻹمام تقي الدين ابن تيمية. فبعد مسير الوقت، اشتهر هذا الجهد التجديدى فى إندونيسيا حيث اتبعه بعض المسلمين، خصوصا هؤلاء الذين عاشوا في المدينة.

بالحقيقة، الشيخ محمّد هاشم الأشعرى يوافق ﺁراء وأفكار الشيخ محمّد عبده فى تجديد فهم الإسلام، لكنّه رفض رأيه أنّ المسلمين لابدّ أن يتحرّروا من تمسّكهم بالمذاهب الفقهيّة. الشيخ محمّد هاشم الأشعرى يرى أنّه لا يمكن فهم حقيقة تعاليم القراۤن و السّنّة النبوية مع عدم دراسة آۤراء وأفكار كبار العلماء الذين اجتمعوا فى نظام المذاهب. فتفسير القرﺁن والأحاديث النبويّة بدون قراءة و دراسة كتب العلماء سوف يؤدّى إلى الإختزال فى فهم حقيقة تعاليم الإسلام.


تاسيس معهد "تابو إيرانج"

عاش الشيخ محمّد هاشم الأشعرى فى مكّة حوالى سبع سنوات. طوال هذه السنوات، بدأت تحوّلات حياته الفكرية و العلمية. وفى سنة 1900م، عاد الشيخ محمّد هاشم الأشعرى من مكّة المكرّمة للإ قامة الدائمة فى إندونيسيا. وكان الشيخ محمّد هاشم الأشعرى، بعد بضع شهور من عودته، علّم فى معهد كيدانج، المعهد الذى أسّسه جدّه، الشيخ الحاج عثمان.

فبإذن من الشيخ الحاج عثمان، انتقل الشيخ محمّد هاشم الأشعرى إلى مكان المشهور بدائرة "السوداء"، يعنى "تابو إيرانج". أراد الشيخ محمد هاشم الأشعرى فى هذه الدائرة تأسيس معهد كبير. فبعض أصحابه رفضوا إرادته تلك. فحجّة رفضهم أنّ تلك الدائرة غير مناسبة لبناء المعهد. "تابو إيرانج" ليست فقط بعيدة عن مدينة "جمبانج"، لكنها أيضا دائرة غلب عليها المجتمع الّذين لا يزالون لا يعرفون الدين، حيث كانت أخلاقهم وعاداتهم غير ملائمة بالانسانية، مثل قطع الطريق، الميسر، الزنى وأنواع المعاصى الأخرى. هناك أيضا الأمكنة للمعاهرة والمقاهى لشرب الخمر.

لكنّ الشيخ محمد هاشم الأشعرى لا ينعزل من عزيمته، بل الحالة فى تلك الدائرة تدفعه بالمبادرة لبناء المعهد. فعنده أنّ نشر الدين بمعنى اصلاح أخلاق المجتمع الفاسدة. ولذلك، بناء المعهد فى "تابو ﺇيرانج"، عند الشيخ محمد هاشم الأشعرى، هو طبعا جهد مفيد جدّا. فمن جانب ذلك كان الشيخ يريد أن يطبّق العلوم الّتى تلقّاها طوال تعلّمه، سواء كانت ممكّة المكرمة أو من المعاهد الأخرى. ومن جانب آخر هو يريد أن يجعل المعهد "دواء" للمجتمع الّذى استولت عليه الأزمة الخلقيّة.

ففى التاريخ السادس و العشرين من ربيع الأول سنة 1320ﻫ، الموافق بالتاريخ السادس من فبراير سنة 1906م، بالعزيمة الراسخة فى قلبه، بنى الشيخ محمّد هاشم الأشعرى معهدا فى "تابو إيرانج". وكان له عندئذ ثمانية و عشرين تلميذا. فبعد مسير الوقت غير بعيد، أصبح هذا المعهد مكانا قام فيها الشيخ بالنشاطات الإجتماعيّة - الإنسانيّة، حيث كان شأنه ليس رئيسا للمعهد فحسب، بل إنّما رئيسا للمجتمع.

قام الشيخ محمّد هاشم الأشعرى بتطوير معهده، بما فيها من تجديد المنهج والمواد الدراسيّة. ﺇذا كان جميع المعاهد الدينيّة فى ذلك الوقت قامت بتطوير منهج الحلقة، فجاء الشيخ يقدّم منهج التعليم المدرسى وإدخال المواد االدراسّة العامّة، بالإضافة إلى المواد الدراسيّة الدينيّة، فهذا شيئ جديد بالطبع.

وبعد مسير الوقت غير بعيد، اشتهرت معهد "تابوا إيرانج" وما فيها من الدراسات الدينيّة التى قام بها، خاصّة فى دائرة جاوى، اجتذب الناس به، فاحتلّ مكان الصدارة بين المجتمع، لما قام به هذا المعهد من مغامرات تعليميّة سحرت بأفكارها التربوية و الدينيّة قلوب معاصريها وعارفيها، وصوّرت لهم العقول، عالم النفس، بأسلوب عميق مؤثّر فى مشاعر الناس وأحاسيسهم. وهذا النجاح تدفعه أسباب، منها شخصيّة الشيخ محمّد هاشم الأشعرى السليمة و الرصينة، وكان شأنه دائما التواضع. أضف إلى ذلك ما عنده من القوّة الروحيّة أو "الكرامة".


تأسيس جمعيّة نهضة العلماء

فمن المعلوم أنّ تأسيس جمعيّة نهضة العلماء تمّ بالتاريخ الواحد والثلاثين من يناير سنة 1926م فى سورابايا. عندئذ جوّ تطوّر السياسة الإ&#