كلمة التحر

نحو نهضة التراث

Sabtu, 22 Desember 2007 | 03:35 WIB

بقلم: عبد المنعم د.ز

من طبيعات الإنسان احتياجه للتقدم و التغير. فلأجل تحقيق هذا التقدم، وقف البعض على أساس التراث و يجعله كالمنطلق. و البعض الأخر وقف على العكس: رفض التراث و أخذ أن يتمسك بأساس الحداثة دون النظر. كلا الموقفين يكونان في حالة التضادد و التصادم و التنافي، و يكون اتحادهما في أصعب الأمور

لكن في واحة الثقافة الباهجة، لا يكون شيئ واحد يجوز نفيه، بل عليه أن يكون كالبنيان، ينتفع غيره و يشتد بعضه بعضا

<>

إذا، نحتاج الى التوسط بين الموقفين. وذاك الطريق الوسطي هو طريقة أهل السنة و الجماعة الذي قد جرّبتها و حقّقتها جمعية نهضة العلماء منذ وقت ظهورها. فبهذه الطريقة أصبحت نهضة العلماء جمعية ذات التسامح الأعظم، لا تزعج راحة الجماعة الأخرى، رغم كانت نهضة العلماء في حالة مواجهة تلك الجماعة. و بينما في الجانب الواقعي الأخر، هناك جماعات الذين يحبون التناقض و الفوضى، حيث يرتدّون أي الواقعات و الإبداعات و التراث الأخرى الجديدة يدركونها. فبتلك الطريقة الوسطية أيضا، أصبحت نهضة العلماء جمعية مقبولة و حاضرة في قلوب الإندونيسيين

ولكن أخيرا ظهرت التغيرات داخل الجمعية و جاءت معها المشكلات. فحينا، كثر من أجيال الجمعية، و أكثرهم من خريج البسانترين، حوزة الجمعية، الذين يرجعون من دراستهم في البلاد العربية، يحملون راية الحركة السلفية الوهابية، فأصبحوا يصطدمون البسانترين نفسه. و أحيانا، كثر من أجيال الجمعية الذين يرجعون من دراستهم في البلاد الغربية، يهدمون بناء تراثهم حتى يكون بين الجمعية فوضا و هلكا.

لقد زالت الهوية النهضوية و السنية و ربما الإندونيسية من أفكار تلك الأجيال. فهم لا يستطيعون اتحاد الثقافات المختلفة و امتزاجها. فقد كانوا يأخذون كل ما جاء من العرب أو الغرب بدون النظر. فباسم السلفية  و الحداثة الليبرالية كانوا يرفضون مبادئ أهل السنة و الجماعة و هاجمواها لأنها غير جديرة للحرية الإنسانية. لا بأس لو أنهم أخذوا القيمة الصالحة من العرب أو من الغرب أو حتى من أي بلاد، لكن بشرط أن لا يزيل أصل هويتم و تراثهم.

الأن، لقد بلغ ذلك الإتجاهان قُمة شهرته. لكن مَثَل الموقف الذي رفض التراث كمَثَلِ زرع النبات بدون الجذور. فالأفكار حينما تُطبّق بالعنف، سوف تنهار بعدما زال ذلك العنف. وتلك الأفكار لا تتطور أبدا، لأن صاحبها يقع في استبداد الدوجما، و ما له من الإبداعات و الإبتكارات. و وقعت تلك الأفكار في أسوأ الحال حيث لا يفهمها عوام المجتمع البسيطين. فهم مغتربون أشد الإغتراب من تلك الأفكار، لأنها تُدعى و تُنتشر بطريقة أو لغة لا يفهمونها تماما

رأت نهضة العلماء أن التراث هو رأس المال الذي يجب تصرفه و إعماله و تنميته لكي يوافق مع الحداثة. بهذا الرأي أصبح الناس يستقر في حياة الحداثة دون أن يزيل هويته و تراثه. و مازال معه الهوية و القيمة النفسية

بلغت رعاية التراث و تنميته في حد الصعوبة. نحتاج الى التدقيق و التنظيم و الصبر و الحكمة، و أيضا الوقت. لكن الأن، لقد اشتغل الناشطون بالمشروعات التي أشرفتها المؤسسات الغربية. انتقلوا من المشروع الى المشروع الأخر دون تحقيق الهدف. بل الذي يتحقق هو الفلوس الكثير من تلك المؤسسات. ليس لهم الأوقات لإصلاح الأفكار و العمل ولمراجعة المشروع الذي قد اكتسبوه. فلا يرون و لا يذكرون أزلهم و عيوبهم و نقصاناتهم. و كانو ينسون لو أن المجتمع يرون ما اكتسبواه و ما عملوه

ينبغي أن ننظر التراث بنظرة الحكمة و الإعتبار و الإبتكار، و ليس بنظرة التقليد الأعمى و الترفيض الأبكم. فالنظرتين الأخيرتين لا تستطيعان أن تدركا معنى التراث و لا أن تبتكرا قوة التراث. لذلك هبطتا في الفشل الضائل، لا تستطيعان أن تغيرا حياة المجتمع الواقعي. و في الحين، كثر الأفكار البسيطة لا يظهر فيها الذكاء، لكنها تسكن في قلوب المجتمع، و تغيره، و تحمله الى الإصلاح الحقيقي. هذا، لأن تلك الأفكار تحل محل التراث. و بذلك أيضا استطاع نهضة العلماء تنمية الأفكار و المعرفة و العلوم و التكنولوجيا. كل ذلك أحلّته في محل التراث، في ضمير المجتمع، حتى أصبح كل ذلك جزأ لا يتجزأ من حياة المجتمع

فكيف عاش الإنسان بدون التراث؟ التراث هو وعى الجميع الذي أهدى الناس الى طريق العمل القويم. و لكن، علينا أن نقف أمام التراث بموقف الإبتكار، اذ بدونه سوف تجمّد و تهبّط. التراث يحتاج الى التنمية. و حينما أحييناه و أنميناه تنمية صالحة سوف ترعرع و تطور حتى بلغ حد النضج


Terkait