شخصية

الشيخ محمد أرشد الب

Kamis, 22 Mei 2008 | 03:51 WIB

تعد الشيخ محمد أرشد المارتافوري البنجاري (1710—1812) كتاج علماء جنوب شرق اسيا في قرنه. فهو فريد عصره و وحيد دهره. تلألأ اسمه في أفاق الإسلام جنوب شرق اسيا: من إندونيسيا و سنغافورة و ماليزيا و بروناي و تيلاند و فليفينو. ألّف عدة الكتب الإسلامية، و من أشهرها كتاب سبيل المهتدين في التفقه في أمر الدين. فهو كتاب الفقه على مذهب الإمام الشافعي. و أصبح هذا الكتاب كأحد المراجح العليا في فقه مذهب الإمام الشافعي بجنوب شرق اسيا.

ولد الشيخ محمد أرشد بقرية لوك غابانج، أحد أقاليم سلطنة بانجار (بجزيرة بورنيو أو كاليمانتان الإندونيسية) في يوم الخميس 15 صفر 1122 هجرية نبوية الموافق ب19 مارس 1710 ميلادية. فهو الإبن الأول من الأسرة المتدينة، من الأب الشيخ عبد الله، و الأم ستي أمينة. فاسمه الكامل محمد أرشد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي بكر السكران بن عبد الرحمن بن محمد مولى الدويلة العيدروس. و وصل نسب البطل إلى الرسول صلى الله عليه و سلم.

نجح عبد الرحمن الجد في تأسيس سلطن<>77; "مينداناو" الإسلامية بجنوب فليفينو. فجده كان سلطانا لمينداناو و قاد عدة المعارك و المقاومة ضد الإحتلال البرتغالي و الهولندي حتى انتقل في أواخر عمره إلى مارتافورا، بنجار، بجزيرة كاليمانتان الإندونيسية.

*****
في أحد الأيام، حينما زار السلطان تحميد الله، سلطان بانجار، ضواحي ولايته، و وصل في قرية لوك غابانج، اذ يفاجئ حينما نظر الصورة الجميلة. لقد سحرت تلك الصورة قلب السلطان. فسأل عن المصور. فعرف أنه محمد أرشد الصغير، الذي لم يبلغ عمره 7 سنوات. فبمعرفة موهبة محمد أرشد و ذكاءه، أحب السلطان أن يحمله و يربيه في قصر السلطنة.

فطلب السلطان الشيخ عبد الله الوالد و استأذن أن يحمل محمد أرشد الولد ليعيش في قصر السلطنة. فأذن الشيخ عبد الله ذلك. تبنّى السلطان محمد أرشد. ترعرع محمد أرشد في القصر كولد ذكي متأدب متواضع و مثقّف. كل الناس يحبونه بحسن خلقه و كريم أدبه و ذكاء فكره و وسعة علمه.

*****
كان محمد أرشد حارصا للعلم. فحينما بلغ عمره سن النضج، رحل إلى مكة المكرمة لطلب العلم. ففي تلك المدينة المقدسة، درس و تعلّم عدة العلوم الإسلامية تحت أيدي المشايخ الأجلاء و كواكب وقتئذ، مثل الشيخ عطاء الله بن أحمد المصري، و الشيخ محمد بن سليمان الكردي، و الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان الحسني المدني. كان الشيخ محمد السمان علامة صوفيا كبيرا. ففي حضرته، تعلم محمد أرشد علم التصوف، حتى بايعه كأحد خلفاء لبلاد جاوة (الشرق الأوسط).

ففي ذلك العصر، هناك أربع خلفاء لبلاد جاوة، و هم الشيخ عبد الصمد الفلمباني (سومطرة)، و الشيخ عبد الوهاب البوغيسي (سولاويسي)، و الشيخ عبد الرحمن البتاوي (جاوة)، و الشيخ محمد أرشد البنجاري (كاليمانتان). كانوا معروفون ب"أربع علماء بلاد جاوة (أي إندونيسيا)" الذين يدرسون في الحرمين الشريفين.

بجانب أن يتعلم في حضرة مشايخ العرب، تعلم الشيخ محمد أرشد أيضا في حضرة مشايخ جاوة الذين يعلّمون في الحرمين، و هم عبد الرحمن بن عبد المبين الفطاني (تيلاند)، و الشيخ محمد زين بن فقيه جلال الدين أتشيه، و الشيخ محمد عقيب حسن الدين الفلمباني.

سكن الشيخ محمد أرشد بمكة المكرمة طوال 30 سنة، و سكن بالمدينة المنورة طوال 5 سنوات. و في مكة المكرمة، استقر الشيخ محمد أرشد ببيت اشتراه سلطان بنجار خاصا له. وقع ذلك البيت في منطقة سامية، و قد يعرف ب"برهات بنجار".

*****
عاش الشيخ محمد أرشد في الحرمين في مدة طويلة، 35 سنة، تحت ظلال العلم. فأصبح الشيخ محمد أرشد عالما كبيرا. و في شهر رمضان 1186 الموافق ب1772 ميلادية، رجع الشيخ محمد أرشد إلى بلده الأصل، مارتافورا، عاصمة سلطنة بنجار وقتئذ. كان السلطان تمحيد الله قد خلفه ابنه السلطان تمجيد الله. استقبل السلطان و رعية بنجار قدوم الشيخ محمد أرشد استقبالا جزيلا. كانوا فريحين بقدومه، متمنين أن يصبح الشيخ شمسا ينوّر حياة بنجار بنور الدين.

ففي بلده الأصل، أصبح الشيخ داعيا و ناشر العلوم الإسلامية. تعلم في حضرته جموع كثيرة، حتى السلطان تمجيد الله نفسه. فلا عجب عندما قاد السلطان رعيته بالعدل و الإحسان و الرفاهية، فإن تمجيد الله معروف كسلطان عالم و ورّاع. فبفضل الشيخ أرشد، تبارك الإسلام في أرض بنجار، و أصبح كمحور أساسي لانتشار الإسلام في جزيرة كاليمنتان الكبرى، و في إندونيسيا، و في الشرق الأوسط عموما.

*****
ألف الشيخ محمد أرشد عدة الكتب المفيدة، منها
تحفة الراغبين في بيان حقيقة إيمان المحبين و ما يفسده ردة المرتدين
لقطة العجلان في الحيض و الإستحاضة و النفاس للنسيان
سبيل المهتدين للتفقه في أمر الدين
رسالة القول المختصر في علامة المهدى المنتظر
و بداية المبتدئ و عمدة الأولادي
و منز المعرفة
أصول الدين
و كتاب الفرائض
كتاب علم الفلك
حاشية على فتح الوهاب
فتح الرحمن
أركان تعليم الصبيان
تحفة الأحباب، و غير ذلك كثير.

*****
توفى الشيخ محمد أرشد في صباح يوم الثلثاء، 6 شوال 1227، الموافق ب1812 ميلادية. لقد أصبح تلاميذه علماء كبراء ينشرون الإسلام في جنوب شرق أسيا

** غينانجار شعبان سيف الله، الكاتب و الباحث الإندونيسي ساكن بالقاهرة

Terkait

شخصية Lainnya

Lihat Semua