حكم العلماء

ثقافة إندونيسيا ال

NU Online  ·  Selasa, 5 Februari 2008 | 14:01 WIB

بقلم: الشيخ طنطاوي جوهري مسدد

أنزل الله تعالى شريعته ليس في شكلها مستعدة التنفيذ. كان القران و الحديث مرجعين و مصدرين الأساسيين لاستناط الأحكام. و قد ترك الله تعالى عباده لاجتهاد تلك الأحكام و استنباطها على حسب القدرة و الإستطاعة. فاجتهد نفر يتفقهون في الدين، و قد سموا بالمجتهدين.

كان نص القران و الحديث جزأين من الدين. أما فهم المرء و تفسيره لهما فلا يعديان به الا اذا كانا ناجحين في التجربة الحية لدي الجمهور. ألا ان ذلك بالإجماع. اذا كان جمهور العلماء يجمعون و يتفقون أن ذلك الفهم و التفسير نقيين من عناصر الأخطاء و الضلال، و لا يخرجان من قوانين الشرع، فأصبح ذلك معروفا بالدين مصدرا للأحكام.

ذلك هو ا&#<>1604;إجماع. فهو دور فعال لتنقيح المفاهيم و التفاسير من الأخطاء و الضلال. فقد دعم به الدين و كفله. ان الإجماع بعيد من الضلال. فقد قال النبي: لا يجتمع أمتي على ضلالة. إذا، الرد و الرفض على تلك التجربة الحية لدي الجمهور، لا يكونان إلا عمل الضلال نفسه.

اختلف الإجماع مع القياس. اذا كان الإجتهاد مستند على الأحكام الموجودة، فسمي بالقياس. القياس هو العلة المأخوذة على سبيل المقارنة بما قد وجد في الأحكام الإسلامية.

إذا، هناك أربع طرق للجتهاد و أصبحن مصدرا للتشريع: القران، الحديث، الإجماع، و القياس. هذه المصادر الأربعة هي التي تمسك بها الأمة الإسلامية كأساس الحكم حتى الأن.

و هناك حكم وراء ترك الله لعباده بالإجتهاد. الحكمة الأولى، أن الأحكام الشرعية لا يتجاوز حد القدرة و الإستطاعة الإنسانية. لذلك كانوا أنفسهم يستنبطونها. و الثاتية، وجود الحث العلمي. لذلك أصبح الأمة الإسلامية أذكياء حساسون و يفهمون. و الثالثة، الإجتهاد يولد الخيارات الكثيرة في الأحكام. فيطبقها المسلمون حسب الأزمنة و الأمكنة المناسبة. و الرابعة، نتعلم به التسامح تجاه الإختلاف. ففي كتب المذاهب الفقهية الأربعة، لا نجد مذهبا يقول بأنه صحيح و غيره خاطئ. لكن قيل: هذا الرأي هحيح، و ذلك الرأي أصح، إلخ. فقلوب علماءنا منزهة من الإدعاء. فلا يُصح ذلك في الفقه، لا سيما تكليف الأمة لاتباع المذهب المعين.

أما عوام الناس، فله حق الخيار لأخذ أي مذهب شاء، على حسب قلبه و غقله و اسطاعته و بيئته و زمانه بدون التكليف من أي عناصر.

نحن نشعر بمنفعة حرية هذا الإختيار و الإجتهاد. فالمذهب الشافعي، مثلا، مناسب تطبيقه في الولايات الإستوائية مثل إندونيسيا و ماليزيا و بروناي. و مذهب الحنفي و الحنبلي مناسب في الولايات الغيرإستوائي، مثلما في أسيا الوسطى، و الهند و باكستان، و أيضا في الدول الخليجية. أما المذهب المالكي فمناسب في الولايات القطبية و في الأندلس و جنوب أفريقيا.

تطبيق الشريعة على حسب البيئة
إن الأحكام الشرعية، في حد ما، كانت حقيقتها نظرية مثالية. لذلك، كان حدها الأخير و غايتها في مجال التطبيق، و ليس في مجال النظر. فالشريعة، إذا، كانت بيئية، تتغلق بالأزمنة و الأمكنة. فهذه الطبيعة تدل على أن الشريعة صالحة لكل مكان و زمان و سليمة من الجمود.

فما في منظور الشرع واجب، لكن في مجال تطبيقه لم يكن ممكنا ، ربما بسبب عدم استيفاء الشروط، أو بسبب العلل مثل الحالة الإقتصادية أو الصحة، فيتغير ذك الحكم الواجب. مثل هذا هو عبادة الحج. كانت واجبة بل تعد من أركان الإسلام. لكن لم تكن واجبة على الفقراء بسبب عدم استيفاء الشروط.

فالخط الواضح في كلامنا هذا، أن غاية الأحكام الشريعية ليس في المجال النظري و المثالي، و لكن في مجال التطبيق، في أي بعد استعد و استطاع الأمة الإسلامية في تطبيقها. فالحاجة لدينا هي كيف نجعل الأمة يفهمون الشريعة، و يستعدون و يستطيعون لتطبيقها. و هذا، طبعا، ندعوه بالطريقة الحسنة، و ليس بالتكليف. فالله سبحانه قال في أيته: لا نكلف الله نفسا إلا وسعها.